وندعو الله أنْ يتغمد أرواح الأخوات المتوفيات
بواسع رحمته،
ويسكنهن فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء
وحُسن أولئك رفيقا.
وأنْ يلهم أهلهن وذويهن الصبر والسلوان..
إنا لله وإنّأ إليه راجعون.
وأنْ يمُنّ الله على المصابات بالشفاء العاجل.
ونقدم أحر التعازي وصادق المواساة لأسر المتوفيات؛
وللكلية وصديقاتهن وزميلاتهن وزملاء الدراسة..
لقد كان الحادث مأساوياً،
والسبب يعود إلى عدم الانتباه والتهور من قبل السائق،
لا جدال في ذلك.
الشاحنة وهي عبارة عن رافعة من الحجم المتوسط،
كانت واقفة على الرصيف.
الحافلة تنقض على الرافعة بكل سرعة أقناض وقوة.
النتيجة دخول أجزاء كبيرة من جسم الرافعة
(الذي هو عبارة عن حديد صلب)
بداخل الباص.
وهو ما أدى إلى ارتفاع الخسائر في الأرواح.
لا ادري إنْ كانتا الحافلة والرافعة قد انقلبتا على الجهة اليمنى،
حسبما أوردته وكالات الأنباء،
ما لاحظته هو الإنحراف الكبير إلى أسفل الشارع،
والحافلة و الرافعة يجر بعضهما بعضاً، بسبب تداخل الرافعة بالحافلة.
ساعدنا في عملية الإنقاذ..
كانتا طالبتين قد فارقتا الحياة،
وتم إخراجهن وهنّ في حالة
توقعنا أنهما متوفيات،
نظراً لحالتهما وعدم وجود أيّ حركة أو نبض بهما.
حالات كثيرة شاهدتها بين خطيرة جداً (مرحلة الحرج الشديد)
والله يعلم بأيّ حال وصلن إليه..
وعدد المتوفيات مُرشح بالارتفاع.
وطالبات ذات خطورة أقل ومتوسطة.
وطالبات بهن إصابات طفيفة.
الحادث وقع قرابة الساعة (5.20 - 5.30 قبل المغرب).
لم يتمكن أحد من إخراج الطالبة الأخيرة إلاّ بعد معاناة كبيرة،
واستخدام المناشير والألات المخصصة للقطع.
وتم إخراجها في حدود الساعة (7.30 مساءً)
أي بعد مرور ساعتين وأكثر بقليل من وقوع الحادث.
أخرجت الطالبة جثة مسجّاة على نقالة مغطاة بالثوب الأبيض.
الشرطة بعد وقوع الحادث طالبتنا بإخراج السيارات وعدم الوقوف،
وإلاّ فأوراق المخالفات جاهزة.. والضابط يصرخ على مرؤسيه
بسرعة التحرك بالدراجات لحصد أكبر كميّة من المخالفات.
الحال لا أستطيع وصفه.. والمشهد أكبر من مداد القلم..
فالدم هنا لا يعلوها صوت القلم ولا الحكمة..
دماء نزفت، وأرواح صعدت إلى السماء قبل أذان المغرب أو بعده..
لم نجد أمراً سوى نقل سياراتنا إلى أسفل الشارع (بالوادي) مقابل الحادث..
حتى لا نتعرض للمخالفات.
إتصالات كثيرة، وردود أفعال من قبل المتواجدين..
استفسارات كالعادة عن: أسباب الحادث وظروفه والإصابات وغيرها
من الأسئلة التي عادة ما تُطرح في هذه المواقف.
والهواتف النقالة بطبيعة الحال اشتغلت أكثر،
من يحضر ويُشاهد يتصل..
لعل إحدى قريباته أو قريبات من يعرفهم تكون موجودة ضمن الحدث.
والأسئلة تدور في ذهن كل واحد منا:
- إلى متى سيستمر النزيف البشري العماني...؟
- ألم يحن الوقت لكي نصصح طريقة وأسلوب قيادتنا للسيارات..؟
- لماذا تقوم جهات تعليمية: مدارس ومعاهد وكليات وجامعات ، بحشر
الطلاب في حافلات تفوق العدد المسموح به قانونياً..؟
- ولماذا لا تتم إجراء الفحصوات الدورية للحافلات والمركبات..؟
- وما هي ضوابط وشروط اختيار سّواق الحافلات هذه..؟
أين الخلل :
- هل فينا كشعب عماني يقوم بتصرفات قاتلة وبدون وعيّ،
وعدم التقيّد بلوائح وأنظمة المرور..؟
- أم في الحكومة لقلة التوعية المرورية، التي تم تكثيفها
بعد الخطاب السامي عن الحوادث المرورية،
وبعدها رجعت إلأمور إلى الهدوء..؟
- أم في الشوارع والسيارات ووسائل الأمان فيها..؟
ألستم معي بأن ما نخسره على الطرقات والشوارع
أكثر ممّأ تخسره دول وأمم أخرى في معاركها وحروبها..
إذن نحن نخوض حرباً من نوع أخرى،
إنها حرب الشوارع والسيارات.
همسة:
قديماً قالوا عن السيارة في لهجتنا المحلية، بأنها:
مُـوتـر..
وأراها تحمل صفات الموت.. أو أنْ الموت أقرب..
ودمتم سالمين
__________________